responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 18
[سورة البقرة [2]: آية 84]
وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (84)
فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ" تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ [1]." لَا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ" الْمُرَادُ بَنُو إِسْرَائِيلَ، وَدَخَلَ فِيهِ بِالْمَعْنَى مَنْ بَعْدَهُمْ." لَا تَسْفِكُونَ" مِثْلُ" لَا تَعْبُدُونَ" [2] فِي الْإِعْرَابِ. وَقَرَأَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ بِضَمِّ الْفَاءِ وَهِيَ لُغَةٌ، وَأَبُو نَهِيكٍ" تُسَفِّكُونَ" بِضَمِّ التَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ وفتح السين. والسفك: الصب. وقد تقدم [3]." وَلا تُخْرِجُونَ" مَعْطُوفٌ." أَنْفُسَكُمْ" النَّفْسُ مَأْخُوذَةٌ مِنَ النَّفَاسَةِ، فَنَفْسُ الْإِنْسَانِ أَشْرَفُ مَا فِيهِ. وَالدَّارُ: الْمَنْزِلُ الَّذِي فِيهِ أَبْنِيَةُ الْمَقَامِ بِخِلَافِ مَنْزِلِ الِارْتِحَالِ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: كُلُّ مَوْضِعٍ حَلَّهُ قَوْمٌ فَهُوَ دَارٌ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ أَبْنِيَةٌ. وَقِيلَ: سُمِّيَتْ دَارًا لِدَوْرِهَا عَلَى سُكَّانِهَا، كَمَا سُمِّيَ الْحَائِطُ حَائِطًا لِإِحَاطَتِهِ عَلَى مَا يحويه. و" أَقْرَرْتُمْ" مِنَ الْإِقْرَارِ، أَيْ بِهَذَا الْمِيثَاقِ الَّذِي أُخِذَ عَلَيْكُمْ وَعَلَى أَوَائِلِكُمْ." وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ" مِنَ الشَّهَادَةِ، أَيْ شُهَدَاءُ بِقُلُوبِكُمْ عَلَى هَذَا وَقِيلَ: الشَّهَادَةُ بِمَعْنَى الْحُضُورِ، أَيْ تَحْضُرُونَ سَفْكَ دِمَائِكُمْ، وَإِخْرَاجَ أَنْفُسِكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ. الثَّانِيَةُ- فَإِنْ قِيلَ: وَهَلْ يَسْفِكُ أَحَدٌ دَمَهُ وَيُخْرِجُ نَفْسَهُ مِنْ دَارِهِ؟ قِيلَ لَهُ لَمَّا كَانَتْ مِلَّتُهُمْ وَاحِدَةً وَأَمْرُهُمْ واحد وَكَانُوا فِي الْأُمَمِ كَالشَّخْصِ الْوَاحِدِ جُعِلَ قَتْلُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا وَإِخْرَاجُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا قَتْلًا لِأَنْفُسِهِمْ وَنَفْيًا لَهَا. وَقِيلَ: الْمُرَادُ الْقِصَاصُ، أَيْ لَا يَقْتُلْ أَحَدٌ فَيُقْتَلَ قِصَاصًا، فَكَأَنَّهُ سَفَكَ دَمَهُ. وَكَذَلِكَ لَا يَزْنِي وَلَا يَرْتَدَّ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُبِيحُ الدَّمَ. وَلَا يُفْسِدْ فَيُنْفَى، فَيَكُونُ قَدْ أَخْرَجَ نَفْسَهُ مِنْ دِيَارِهِ. وَهَذَا تَأْوِيلٌ فِيهِ بُعْدٌ وَإِنْ كَانَ صَحِيحَ الْمَعْنَى. وَإِنَّمَا كَانَ الْأَمْرُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَخَذَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي التَّوْرَاةِ مِيثَاقًا أَلَّا يَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَلَا يَنْفِيَهُ وَلَا يَسْتَرِقَّهُ، وَلَا يَدَعَهُ يَسْرِقُ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الطَّاعَاتِ.

[1] راجع ج 1 ص 436.
[2] راجع ص 13 من هذا الجزء
[3] راجع ج 1 ص 275 طبعه ثانية.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 2  صفحه : 18
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست